top of page
tvawna1

أبوبكر كهال: تشربت الحرب ومآسيها

 القاهرة - بوابة الوسط: نهلة العربي الثلاثاء 14 يناير 2025,


الكاتب أبوبكر حامد كهال و غلاف رواية في بلاد البونت (فيسبوك)

أبوبكر حامد كهال روائي مقيم في الدنمارك بعد أن عاش عدة سنوات في ليبيا، كما أقام عدة أشهر بمخيم اللاجئين في تونس إبان اندلاع الثورة الليبية العام 2011، له ثلاث روايات (رائحة السلاح- بركنتيا: أرض المرأة الحكيمة - تيتانيكات أفريقية) نشرت العام 2008 وصدرت ترجمتها الإنجليزية العام 2014 عن دار «دارف» للنشر كما ترجمت إلى التركية والإيطالية. اليوم تلتقي به بوابة «الوسط» للحديث عن روايته في «بلاد البونت» الصادرة عن «دار الفرجاني» للنشر والتوزيع.

 

 إلى أي مدى كان للحرب بصمة في خلق روح الكاتب لديك؟ ‏‎لقد نشأت في سنوات الستينيات في منطقة تعتبر غرفة عمليات لجبهة تحرير إريتريا، وكانت الجبهة تواجه فيها جيش الاحتلال الإثيوبي، وتحقق الانتصارات باستمرار، وعقب كل معركة كان جيش الاحتلال ينتقم من الأبرياء العزل.

 

 لقد تأثرت بالحرب كثيراً، وتعبأت ذاكرة طفولتي بالأحداث والمعارك والضحايا والشهداء والحرائق، خاصة تلك التي كانت ترتكبها فرق الكوماندوز الإثيوبية، فكانت تقتل العزل بلا رحمة أو أية شفقة.

 

لقد تشربت الحرب ومآسيها، وظهر ذلك جلياً في روايتيّ «رائحة السلاح» و«بركنتيا – أرض المرأة الحكيمة» فحشدت في «رائحة السلاح» الكثير من الأحداث والمواقف، وألحقت في «بركنتيا» ما لم أتطرق إليه في رائحة السلاح، وفي كل الأحوال، فالروايتان ليستا دعوة للحرب، بل هما تفضحان ضراوة الحروب، وخروج الإنسان عن بشريته وإنسانيته وقمع أخيه الإنسان واحتلال أرضه، وترصد شجاعة الإنسان أيضاً في مقاومة أفعال الطغاة.

 

 

هل كان لوجودك في الغربة تأثير حقيقي على أعمالك الأدبية؟‏‎ لقد تكونت ثقافيا في ليبيا، ونهلت مما كان يبدعه الكتاب الليبيون، وكنت محظوظا بتعرفي ومصادقتي لأهم أدبيين ليبيين عاشا صعلوكين حقيقيين، هما الراحلان الجيلاني طريبشان، ورضوان أبوشويشة، فاستفدت من مرافقتي لهما كثيراً، وأضافا إلى معارفي الكثير من المواضيع واللمسات، وتعرفت عبرهما على طريق الصعلكة الأدبية، وشققت فيها طريقي الخاصة.

 

أما في ما يتعلق بالنشر، فقد نشرت لي منشورات مجلة المؤتمر بطرابلس التي كان يرأسها الصديق الصحفي محمود البوسيفي روايتي الأولى «رائحة السلاح»، ونشر لي مجلس الثقافة العام ببنغازي رواية «بركنتيا» واعتبرني الأدباء والكتاب الليبيون واحداً منهم، فكنت أشارك في معظم نشاطاتهم ورحلاتهم وندواتهم، ويناقشون بمودة طافحة كتاباتي الأدبية، سيما في بداياتي عندما كنت أتلمس طريقي الأدبية، بل إن وصول روايتي الأولى «رائحة السلاح» إلى إريتريا للمرة الأولى، كانت بفضل جهود الصديق الدبلوماسي والأديب حسين المزداوي، الذي تكفل بنقل أعداد منها إلى أسمرا عبر الحقيبة الدبلوماسية، ومن هذه الإرسالية الودودة عرفني وعرف كتاباتي الأولى الشارع الإريتري للمرة الأولى، فتلقفوها وطالبوا بالمزيد.

 

 متى تنتهي الغربة عندك؟  ‏لقد أكلتني الغربة، وصرت أدفع كل صباح ضريبتها، أهدهد ضراوتها بالشعر والكتابة والسفر، كلما استطعت إلى ذلك سبيلا ، ولي في بلدتي بإريتريا والدة مسنة شغوفة بي، تنتظر كل صباح تنتظر كل دقيقة عودة غائبها، وتدعو الله أن يجمع شملنا، ويمكننا من ضمة صدر الأم التي طالت غربتها، وهدتني مثل تمثال قديم تناوبت عليه الزلازل.

 

هل يمكن للكتابة ونقل الصورة صنع فرق ملحوظ في واقع مثل واقع الصومال؟‏‎ الصومال بلد نكبته القبلية، ولكنه الآن يسير نحو التعافي، لا أدري عدد الكتب التي صدرت في الأدب والرواية والشعر هناك، لكنها حتما ليست قليلة، لقد تسربت في وجداني الحالة الصومالية، فكانت روايتي «في بلاد البونت» التي صورت فيها الصومال والظروف والأيدي الخارجية التي أدت به إلى هذا المنحدر العظيم، كما رسمت رحلة التعافي التي نأمل أن تستمر، ليعود الصومال فاعلاً في إقليمه ومؤثراً بإيجابية في أحداث العالم.

 

هل يمكن للحب أن يعيش تحت القذائف؟‏‎نعم الحب ينمو في كل الظروف، فهو فعل إنساني يمكنه التعايش مع الحرب، أو أي ظروف قاسية أخرى، الحب هو المرادف لتعلقنا بجمال الحياة، ونبذ الكره والشرور.

 

‏ هل وجدت كتاباتك تفاعلاً مع الكتاب والقراء العرب؟ هل نقلت لهم صورة عن بلد ظل ما يدور بداخله مبهماً لفترة طويلة؟لقد كانت روايتاي؛ رائحة السلاح، وبركنتيا محظوظتين بصدورهما في ليبيا، فكان الإخوة في مجلس الثقافة العام الذي أصدر (بركنتيا)، يبلغونني بأنها تحقق نسبة مبيعات طيبة في معرض القاهرة الدولي للكتاب لسنوات متتالية، وكذلك الحال لروايتي (تيتانيكات أفريقية) الصادرة عن دار الساقي في بيروت، التي لاقت قبولاً من النقاد ومن القراء العرب، والرواية الأخيرة دُرست وتُدرّس الآن في أكثر من 18 جامعة ومعهد وكلية حول العالم وترجمت إلى عدة لغات، ورواياتي الثلاثة الأولى هذه كتبتها كلها في ليبيا، ونالت عناية من أصدقائي الليبيين قبل حتى نشرها وتنقيحها.

 

كثيراً ما يفضل المغتربون الموت والدفن في أوطانهم على الرغم من أنهم عاشوا حياة بأكملها في الخارج، لماذا يتعامل البعض مع أوطانهم كمقبرة جماعية؟ ‏‎أن تموت بعيداً عن وطنك فهذا في نظري يمثل مأزقا وجودياً ونفسياً، لا أحد يحب الموت في دنيا الغربة، أحد أبطال روايتي «في بلاد البونت» يرجع نهائيا إلى بلده الصومال ليموت فيه، لقد عاد بعد اغتراب امتد لسنوات طوال، الوطن الذي شهد شهقتك الأولى، وخطواتك الأولى، وخفقة قلبك البكر، وآلام الطلق لدى والدتك وهي تقذف بك في هذه الحياة، لجدير بأن تتوسد ثراه وتنام نومتك الأبدية بين ترابه وأحجاره. المصدر >>>>>

66 views0 comments

Comments


bottom of page